الرئيس العراقي يستخدم تقنية الفار

0 213

بقلم: هادي جلو مرعي

أفرزت المرحلة القليلة الماضية جملة معطيات تعلقت بدور ومسؤوليات السلطات العليا في الدولة، ومنها رئاسة الجمهورية التي تتوفر لها صلاحيات وأدوات يمكن إستخدامها لتمضية شؤون الدولة العراقية، ومن المفترض، ووفقا لتلك المعطيات فإن الرئيس يتحرك وفقا لمعادلة صراع، ولديه تجربة معها سابقة وناجعة تمكنه من المرور من بين السكاكين، فيخرج بأدواته الى العلن، ويقرر ما فيه مصلحة الدولة بمكوناتها السياسية والعرقية والطائفية حتى وإن كان مجيئه الى المنصب بفعل نظام المحاصصة فهو قد أقسم اليمين، وعاهد على العمل وفقا للدستور، وقد قرأ الساحة السياسية جيدا، وأدرك نوع الخلافات العميقة فيها، ولم يكن مجيئه عن جهل، أو قلة خبرة ودراية، بل كانت الصورة واضحة أمامه تماما، ولا عذر له في التقصير.

ذهب برهم صالح الى السليمانية، ولا نريد أن نسميه هروبا من المسؤولية طالما إننا لا نعلم جيدا التفاصيل الكاملة للساعات القليلة التي سبقت توجهه الى مدينته الأثيرة الغافية على سفوح جبال مغطاة بثلوج ديسمبر، وبعد أن قدم استقالته للبرلمان ملوحا بها في حال لم يتم التعامل معه وفقا لمنهجية سياسية واضحة، وبعد تقديم شخصيات سياسية من قبل بعض القوى المؤثرة ليتم تكليفها بتشكيل الحكومة، وكان أعلن: إنه يرفض التكليف لكي لا يصطدم بالشارع، دون أن يتخذ موقفا مقابلا بأن يذهب الى ساحات التظاهر، أو يقرر تكليف شخص لم يتسلم منصبا تشريعيا، أو تنفيذيا ليقوم بدوره الحقيقي ويخرج من دائرة الحرج والضعف، وتلقي سهام النقد، وحتى الشتيمة والتوبيخ كما حصل من بعض الساسة.

قرر برهم صالح العودة الى بغداد بعد أن هدده البرلمان بأنه سيعده مستقيلا في حال لم يتراجع عن الإستقالة، وربما تكون جهات سياسية وقوى خارجية أسهمت في حمله على التراجع عن موقفه بعد أن عاش دور البطل لساعات معدودة، وعد سوبرمان السياسة العراقية المنحاز الى شعبه، الرافض للإملاءات، بل إن عودته الى بغداد بهذه الطريقة تشير الى حجم تلك الضغوط التي مورست عليه، ولكن يبقى أن نقول للرئيس: لو أنك بقيت في بغداد، ولم تلوح، ولم تصرح بالإستقالة لكان أفضل لك من الآن وأنت تعود وقد خسرت الشارع، وظهرت مكسورا في مواجهة القوى السياسية التي طلبت منك البقاء، ولم تبق، ثم ها أنت تعود.

موقف الرئيس برهم صالح يشبه موقف حكم مباراة كرة قدم، الحكم (برهم صالح) يحتسب ضربة جزاء للمتظاهرين ضد فريق النظام السياسي، ولكنه وسط ضغط فريق النظام السياسي قرر العودة الى تقنية الفيديو (الفار) ليتأكد من صحة قراره، وما أن عاد الى الملعب حتى أعلن إن ضربة الجزاء ملغاة، وإن النتيجة تبقى كما هي عليه، التعادل بين الفريقين.

Loading

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.