حرب الأسعار النفطية

0 287

بقلم الدكتور: عمر الموسوي

يُحكى في أثر الهنود الحمر ان هناك صِراع داخلي لدى كل إنسان وهو صراع قوي وشرس في نفس كل إنسان كأنه صراع بين ذئبين أحدهما شرِّير مفترس هو (ذئبُ الغضَب، الحسَد، الغيرةِ، الجشع، الغرور، الدناءة، الكذبِ، الخِداع والكِبر) وذئبٌ مسالم ووديع هو (ذئب السعادة، السلام، الحبِّ، التسامح، الأمل، التواضع، الكرَم والصدق).

هذا الصِّراع الدائر بين هذين الذئبين موجود لدى كُل إنسان ويظهر جليًّا عند تعاملات الناس الحياتيَّة مع بعضهم البعض، وانه حتماً سيَنتصر الذّئب الذي نُطعمه أكثر، فإن كنتَ تغذي ذئبَ الخير بالحلم والأناة والصدقِ والتسامح وحبِّ الخير للآخرين، وغيرها من الصفات الحميدة، فإنَّ هذا الذِّئب سوف يَقوى وستكون له الغلبة عند النزال، وبالتالي سيعمُ الخير والحبُّ والإيثار بين الناس، أمَّا إن كنتَ ممن يغذي ذئبَ الشر بالحِقد والخداع، والكذب والنميمة والكِبرِ، وغير ذلك من صفات الشرِّ، فإنَّ غلبة الصِّراع ستكون بلا شك لهذا الذئب الشرِّير، وعندها سوف تَنشأ الصراعات ويندر التعاون بين الناس، وينجر المجتمع للانحدار والهاوية.

اليوم نلاحظ ان الذئب الشرير هو المسيطر على زمام الأمور، نتيجة السكوت على الظلم والطغاة دون رادع او نصرة للمظلوم لكن أعلم ان نيران الظلم سوف تكوي صاحبها اولاً قبل الجميع.

هذه المقدمة التي أستُهل بها مقالنا حول انخفاض أسعار النفط الدولية، اذ شهدت أسعار النفط منذ ليلة أمس بسقوط حاد لم يشهده العالم منذ عام ١٩٩١م (حرب الخليج على العراق) ربما تصل في قادم الأيام الى30$-20$ ما يؤدي الى ارتفاع أسعار الذهب والفضة وبالتالي حصول مجاعة في المجتمعات وسقوط عدد من الدول.

يعود سبب انخفاض أسعار النفط الأخير الى أمرين مهمين هو انتهاء مدة اتفاقية خفض العروض النفطية التي كانت ملتزمة بها الدول المصدرة للنفط (أوبك  وروسيا الاتحادية) بالإضافة الى تفشي فيروس كورونا الجديد بعد انتهاء الاتفاقية التي استمرت لمدة ثلاث سنوات اعتزمت المملكة العربية السعودية على زيادة صادراتها النفطية في شهر نيسان / ابريل القادم الى ‪12مليون برميل يومياً وإغراق السوق العالمية في النفط، بالإضافة الى تفشي فيروس كورونا الذي ساهم في إغلاق ما يقارب ربع الأسواق العالمية حتى الان، هذا ما يدفع الى إقامة تحالفات جديدة وظهور صراعات وحروب جديدة على الطاقة.

تهدف السعودية وراء إغراق السوق في النفط من اجل إبعاد العالم عن السوق الإيرانية التي تعاني الحظر الدولي ومن اجل تصفير صادرات إيران النفطية.

في ظل الفائض في المعروض والذي يقابله انخفاض حاد في الطلب بسبب تداعيات فيروس كورونا، هذا ما يؤدي في المستقبل القريب الى صراع بين المنتجين المصدرين للنفط على الحصص، بمعنى سوف تبحث الدول المصدرة عن أسواق مستهلكة وضمان بقاء هذه الأسواق تحت تصرفها ولا تلجئ الى أسواق أخرى، هذا المؤشر يقودنا الى انه من الممكن ان يكون هناك تنافس وصراع وربما حروب بين الدول المصدرة للنفط من اجل ضمان بقاء أسواقها والحفاظ على قيمة عملتها المحلية المرتبطة أصلا بالدولار الامريكي والملاحظ من ذلك ان اول من اكتوى بنيران التلاعب في أسعار النفط هي المملكة العربية السعودية التي أعلنت زيادة صادراتها النفطية وتخفيض سعر البرميل فقد شهدت عملة الريال السعودي مع هذا الإعلان انخفاض حاد في قيمتها فضلاً عن هبوط حاد في أسهم شركة أرامكو، وبالتالي سوف يشهد العالم وبسبب تصرف المملكة العربية السعودية غير المدروس الى حروب جديدة تسقط دول وتنهي أمم ومجتمعات ربما تبقى نتائجها ومخلفاتها لعشرات السنين.

الجدير بالذكر انه مع بدأ انخفاض أسعار النفط واستمرار وتزايد انتشار فيروس كورونا في العالم، سوف يشهد العراق كارثة مالية واقتصادية خصوصاً وان العراق من البلدان ذات الاقتصاد الريعي الذي يعتمد بنسبة 90% _ 95% على النفط، وان ميزانية 2020م تعاني عجز مالي قدره 50 تريليون دينار عراقي في ظل فرض ان سعر البرميل الواحد 50$ ولكن مع انخفاض أسعار النفط الى دون الـ 30$ للبرميل سوف يؤدي الى كساد اقتصادي وبطالة ربما تقود الى انهيار مجتمعي وارتفاع مستوى خط الفقر في البلاد.

للاشتراك معنا بقناة التلجرام اضغط هنا?

https://t.me/alburaqnews

Loading

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.