بقلم الدكتور: ال فارس البنيان الموسوي المگصوصي
من ابرز الاحداث التي رافقت تاريخ السادة المگاصيص هو حصار الكوت، اذ عملهم المشرف يكمن في معركة السن (سن الكوت) واحدة من أهم المعارك التي واجهت القوات البريطانية اثناء احتلالها العراق سنة (١٩١٤م) بقيادة الجنرال طاوزند في مواجهة القوات العثمانية والتي انتهت بعد حصار القوات البريطانية والذي استمر لخمسة اشهر في الكوت واستسلام الجنرال طاوزند الذي كان معه (١٣٠٠٠ من البريطانيين والهنديين).
هنا لابد من الاشارة التاريخية عن موقف السادة المگاصيص الموسوية من تلك الاحداث، خصوصاً ان الاحداث جرت على ارض هذه القبيلة تحديداً في واسط، حيث اشارت كتب التاريخ ان مسكن السادة المگاصيص بعد هجرة جدهم السيد علي الشجري المهاجر بن محفوظ بن ثابت بن موسى بن محمد بن حمدان بن راشد بن ثامر بن موسى بن محطم بن منيع بن سالم بن فاتك بن هاشم بن هشيمة بن هاشم الأول بن علي بن سالم بن علي بن صبرة بن موسى العصيم بن علي الخواري بن الحسن الثائر بن جعفر الخواري بن الامام موسى الكاظم عليه السلام، من مدينة جده المدينة المنورة الى العراق بحدود عام ٧٠٤ هـ ، في زمن السلطان محمد خدابندة الجايتوا سلطان الصفويين المتوفي سنة ٧١١ هـ ، مدينة الحلة الزرفية، لكنه انتقل إلى واسط في أوائل العهد العثماني الغاشم بسبب مقاومتهِ لهم وصدور حكم الإعدام بحقه والذي نجى منه بأعجوبة.
سكن السادة المگاصيص عدة مدن في واسط منها (الدجيلة، الكارضية، تلول السن، ام البرام، الفلاحية، والشاخات) حيث انتشروا على ضفاف دجلة من الجهة اليمنى حتى مشارف شيخ سعد هذه المناطق هي المناطق المتاخمة او ساحة القتال الفعلية لتلك المعركة، وخصوصاً منطقة تلول السن التي هي موطن السادة هذا ما اشار الية مترجم كتاب حصار الكوت للمؤلف رسل برادون في هامش (ص١٠٣ / ج٢ ) معرفاً المنطقة (تلول السن تقع على الضفة اليمنى من النهر الجنوبي التي تقع عندها قلعة المگاصيص، كما وان عند منطقة الدجيل هناك قلعة اخرى لنفس العشيرة).
هذا ولا بد ان يكون للعشيرة موقف من اجل الدفاع عن ارضهم ووطنهم وكرامتهم التي انتهكت من قبل الاحتلال البريطاني كما وبحكم رابطة الدين بين السلطة العثمانية التي تحكم باسم الاسلام آنذاك، كانت رؤية السادة واغلب العشائر العراقية والمرجعية الدينية هو الوقوف الى جنب القوات العثمانية ضد القوات البريطانية، من اجل اعلاء كلمة الاسلام.
الملاحظ من خلال قراءة كتب التاريخ أن قوات الجيش العثماني لم تنتصر في الحرب العالمية الأولى على قوات الحلفاء الا في موقعتين او معركتين هما معركة حصار الكوت في العراق او معركة السادة المگاصيص، ومعركة الدردنيل بقيادة مؤسس تركيا العلمانية كمال أتاتورك.
والجدير بالذكر أنه عندما أسر القائد العثماني (محمد باشا الداغستاني) عمد احد ابناء السادة المگاصيص ويذكر اسمه في كتاب شذرات من تاريخ السادة المگاصيص هو السيد (غدير المگصوصي) الذي قام بعمل فدائي لتحرير الداغستاني، حيث قام باختراق حصن القوات البريطانية وتحرير القائد، معلنناً بذلك النصر لأبناء عمومته وذكر في تلك الحادث ان السادة تغنوا وانشدوا الشعر عن شدة بأسهم وشجاعتهم في مصارعة الاحتلال قائلين:
احنــــــــة اخبات مــــــــن يــعلك لوينــــــــة
وما بينـــــــــة رجـــــــــل هشة ا لوينــــــــة
الدويشي ( الانجليزي ) وعسكرة كله لويناه
الفــــــــخر للبيــــــــت من يكسر ســــــــرية
ومن خلال ما تقدم نلاحظ ان للسادة المگاصيص على مر العصور دور فعال في الحياة السياسية والجهادية من اجل الدفاع عن وطنهم وأرضهم وتمسكهم بقوله تعالى “وفضل الله المجاهدين على القاعدين اجراً عظيماَ” وأنهم قد تميزوا لشدة بأسهم على غيرهم من السادة باسم (أولاد الحسيني) ومن خلال كتاب حصار الكوت لرسل برادون حيث قال ان معركة السن التي لاقى فيها الانكليز مقاومة شديدة من الاتراك بمساعدة عرب المنطقة وهم (السادة المگاصيص) مضيفاً اليه طاوزند برسالاته انها من اشرس واخطر المعارك خلال الثلاثين سنة الماضية.
وذكر طاوزند قائلاً الوضع الذي هو عليه (ان الوضع سيئ وانه لا يثق بالإعراب الذين يوصلون الى العدو كافة المعلومات ليلاً) هذا دليل على انه رغم ان منطقة السن بيد القوات البريطانية وقد حوصرت هناك ونيران المدفعية منهالة على تلك الاراضي التي هي مسكن السادة الا انهم مستمرون في العمل الجهادي والقتالي من اجل التحرير والخلاص من القوات المحتلة.
تكبدت القوات البريطانية خسائر فادحة إذ ذكرت ذلك وزارة المستعمرات البريطانية على لسان المستشارة المس بيل في مذكراتها قائلة وبالتحديد (هجمت فلول من الأعراب على قواتنا في واسط بين الدجيلي والسن من عرب يسمون بالمقاصيص وحاصروا حاميتنا البريطانية ولكن غدر بهم القائد العثماني المسمى الداغستاني وأنسحب إلى بغداد وترك العشائر عرضة للقصف المدفعي وقصف الطائرات).
هُنا لابد ان نبين ونُعرف القارئ بعشائر وشيوخ قبيلة السادة المگاصيص الموسوية في العراق والعالم.
هم اولاد السيد محمد المگصص الذي قص ظفائره اخيه السيد زامل، (جد السادة الزوامل) بعد الحادثة التاريخية والخلاف بين الاخوين نتيجة مشاركة السيد محمد بالثورة والتمرد ضد الوالي العثماني في لواء البصرة آنذاك ما ادى الى اصدار حكم الاعدام بحقه وخوفاً عليه من قبل اخيه الاكبر السيد زامل قسم بان يقطع رأسه امام الجميع، ما دفع السيد محمد للتخفي والهجرة وصولاً الى الغراف حيث أراضي الشيخ كشي (جد السراي) آنذاك، مُدعياً انه من امارة ربيعة التي تسكن الجنوب العراق.
عمل السيد محمد جد السادة المگاصيص في الزراعة وتحت لواء الشيخ كشي دون معرفة الشيخ عن تلك الحادثة وهكذا عمل السيد مع الشيخ كشي وجعله من المقربين له، وبعد عدة سنوات اقترح اولاد عمهم كل من السيد حسن بن علي الشجري وولده السيد عبدالله وهم (اجداد السادة الصوفي والدنين والبخات والشرع والموزان) على السيد زامل البحث عن اخيه السيد محمد والاعفاء عنه وقص ظفائره بدلاً من رأسه، وهكذا انطلقوا للبحث عنه حتى وصلوا مضيف
مضيف الشيخ كشي وبدأوا يسألون عن السيد محمد، لكن دون جدوى فلم يعرفه احدى ما دفعهم ان يعطوا اوصافه حتى تعرف عليه الشيخ كشي حيث كان السيد محمد (اسمر البشرة، قصير القامة، بهي الطلة وطويل الظفائر) فجاء به الى اخيه وابناء عمومته.
خجل الشيخ كشي من نسب السيد واكراماً لهُ ولشجاعته في مقارعة الظلم ضد الوالي، أعطاه ابنته الخضراء وزوجها أيها واعطاه جزأً من اراضيه للعيش فيها كما واقدم السيد زامل على قص ظفائر اخيه وانهاء القسم والخلاف بينهما من هنا انطلقت تسمية السادة المگاصيص على اولاد السيد محمد من الخضراء والتي أنجبت لهُ ولدين هما شوك الشام وحسين دبخان والذي اليه يرجع السادة المگاصيص.
عُرفت تلك الفترة ونتيجة الحروب والغزوات بنظام الاحلاف العشائرية، فتحالف اولاد السيد محمد المگصص مع اخوالهم في إمارة ربيعة لسنين ولكن هذه الأحلاف انتهت مع مرور الزمن وانتفت الحاجة اليها.
فقد جاء في الأثر القريب ان الامير حبيب (امير امارة ربيعة) طلب من السادة المگاصيص القتال تحت لوائه في احدى الغزوات فرفض السادة المگاصيص القتال تحت لواء ربيعة واجابة المرحوم السيد كمر العزيز احد شيوخ السادة المگاصيص آنذاك والذي عُرف بكرمه وشجاعته قائلاً:
مره اجذب احصاني ومرة ابيعة
كمر منوة الهادش من ربيعة
وحياتك موش اصلنة من ربيعة
اصلنة من المدينة الضيغمية
وهذه اشارة واضحة الى نهاية تلك الأحلاف العشائرية منذ زمن بعيد وهكذا توسع نسب اولاد السيد محمد المگصص في كل انحاء العراق وهم تسع عشائر عريقة ولكل عشيرة منها شيخها الخاص وحالياً هي احدى القبائل العربية والتي مركزها العراق والمعروفة بأسم (قبيلة السادة المگاصيص الموسوية) والتي يجمعهم جد واحد وهو السيد محمد المگصص وهم:
١. عشيرة بيت أرشيد
٢. عشيرة البودبخي
٣. عشيرة الترايمة
٤. عشيرة العنابرة
٥. عشيرة البولاحج
٦. عشيرة العريان
٧. عشيرة البرشادة
٨. عشيرة بيت فراس
٩. عشيرة البوحبيب
للاشتراك معنا بقناة التلجرام اضغط هنا👇
https://t.me/alburaqnews